في أحد أحياء العاصمة صنعاء، برز اسم سناء عبد الله معجب، الحاصلة على بكالوريوس في علم الاجتماع، كإحدى النساء الرائدات في مجال الرياضة النسائية، بعد رحلة بدأت ببحثها عن الرشاقة وانتهت بتحقيق حلمها في تأسيس نادٍ رياضي للسيدات.
تقول سناء إنها سجّلت أول مرة في نادٍ رياضي عام 2019، بعد أن كانت تعاني من زيادة في الوزن، فتعلّقت بالرياضة إلى حدّ بعيد، وواصلت التمارين في منزلها عبر متابعة قنوات «يوتيوب» خلال فترة إغلاق الأندية بسبب جائحة كورونا.
ومع عودة النشاط، لاحظت مديرة النادي مهارتها في التدريب والتزامها، فأوكلت إليها مهمة تدريب بعض المشتركات لقلة خبرة المدربات في النادي. وبعد مدة قصيرة، وسط إلحاح إدارة النادي، وافقت على التدريب في النادي على الرغم من أنها لم تخُض تجربة تدريب من قبل، ولا تملك مؤهلًا علميًا من كلية التربية البدنية، وإنما اكتسبت خبرتها بالتعلّم الذاتي من الإنترنت وفي المنزل.
.jpeg)
تقول سناء: "كنت أشعر بمسؤولية كبيرة وبالثقة التي مُنحت لي، فاجتهدت ودرست الحركات والبرامج التدريبية بنفسي، وكنت أعدّ جداول التمارين وأرسمها للبنات يومًا بيوم".
استمرت سناء في التدريب داخل النادي نحو عامٍ ونصف. جوانب القصور في النادي وعدم استجابة الإدارة لشكاوى المتدرّبات، إضافة إلى نصائح سناء، جعلتها تفكّر في افتتاح مشروعها الخاص، لتشقّ طريق نجاح مستمر منذ سبع سنوات؛ مع أنها لم تكن تملك رأس مالٍ كافٍ سوى ما جمعته من عملها (350 ألف ريال) إضافة إلى مبلغ من جمعية مالية. استأجرت قبوًا بسيطًا في منطقة سعوان وجهّزته بالإمكانات المتاحة، من دون الاعتماد على الأجهزة الرياضية المكلِفة.
واجهت صعوبات كبيرة: من اعتراض بعض أهالي الحي، إلى رفض السلطات المحلية في البداية، بل وإغلاق النادي أكثر من مرة، لكنها لم تستسلم. أقامت افتتاحًا رسميًا بحضور عُقّال الحارة والأعيان والنساء، وحصلت لاحقًا على تراخيص رسمية بعد سلسلة من العراقيل الإدارية.
تحدّيات وإصرار
بالرغم من الافتتاحات المتكررة والإغلاقات، تمسكت سناء بمشروعها، وانتقلت أكثر من مرة بسبب الإيجارات والضغوط.
تقول: "فتحت النادي بصفته رسالة وليس مشروعًا ربحيًا؛ كنت أحرص أن تكون أسعار الاشتراك رمزية، لأن هدفي نشر الوعي الرياضي ومساعدة النساء على التغيير".
تُعدّ سناء المدرّبة الوحيدة؛ إذ تُدرّب مجموعتين في الصباح ومجموعة مسائية، وتدير النادي بسلاسة بالتعاون مع زوجها وأخواتها.
ويقدّم نادي بروفتنس للسيدات خدمات متنوعة تشمل: تمارين اللياقة، والزومبا، والفنون القتالية، وتمارين القوة والمقاومة، إلى جانب تقديم استشارات تغذية صحية تساعد المتدرّبات على تنظيم وجباتهن.
إلى جانب التدريب اليومي، واصلت سناء تطوير نفسها؛ فالتحقت بدورات في الإصابات الرياضية والتغذية العامة، وحصلت على «شهادة المدرّب المحترف» المعتمدة من الأكاديمية الدولية للرياضة، حيث نالت المرتبة الأولى بامتياز. كما درست الفنون القتالية (الكيك بوكسينغ، الملاكمة، الكونغ فو)، وأقامت أول بطولة للفتيات في الكونغ فو على مستوى أمانة العاصمة، بالإضافة إلى بطولة «أفضل لاعبة لياقة فيتنس» داخل النادي.
بعد سبع سنوات، مرّ على النادي نحو 1000 متدرّبة تدرّبن على يد سناء. وفي الجانب الآخر يستقبل النادي ما بين 80 و90 مشتركة خلال الشهر الواحد. تصفه سناء بأنه «معجزة»، بعد أن ساعد المئات من النساء على خسارة الوزن، والتعافي من مشكلات الأعصاب والعظام، فضلًا عن مساعدة أخريات على تجاوز الاكتئاب واستعادة ثقتهن بأنفسهن.
رسالة وليست تجارة
تدير سناء اليوم نادي بروفتنس للسيدات في منطقة سعوان شمالي صنعاء، وتطمح إلى تطويره بإضافة قسم حديث لتمارين الحديد وإقامة بطولات جديدة، مؤكدة أن دعم زوجها وأسرتها كان عونها الأكبر، وأن المجتمع الذي عارضها بات اليوم يفتخر بها.
وتؤمن سناء أن الرياضة أسلوب حياة يمنح المرأة الصحة والثقة ويغيّر حياتها للأفضل، وتنصح اليمنيات بالاهتمام بالثقافة الرياضية والغذائية لما لها من أثر إيجابي على الفرد والأسرة والمجتمع.

