تـابعـنـــا
Facebook IconTwittter IconInstagram Icon

أمل فضل: عندما يتحول الطين إلى صوت سلام في اليمن

في ورشة تحوّلت إلى متحف مصغّر، تنحت أمل فضل واقع اليمن بيديها. إذ تُحوّل الفنانة التشكيلية والأستاذة الجامعية الطين المستخرج من الجبال إلى مجسَّمات ثلاثية الأبعاد تنبض بقصص المرأة ومعاناة الإنسان، وتنقل تطلعات وآمال الشعب اليمني وسط ركام حربٍ طال أمدها لأكثر من عقد.

لم يكن النحت في بدايات شغف أمل، التي وُلدت في محافظة لحج جنوبي اليمن، بل كان الرسم ملاذها الأول منذ الطفولة، ليتطور الأمر بعد ذلك إلى التشكيل والنحت بالطين، الذي وجدت نفسها فيه.

لكن السنوات الخمس الأخيرة شهدت تحولًا جذريًا؛ فمنذ عام 2020، برزت كواحدة من أوائل النحاتين بالطين في اليمن، وأصبحت أول فنانة تشكيلية يمنية تبتكر لوحات فنية بهذه المادة.

تجسيد لمعانٍ كثيرة

بدأت رحلتها النحتية بـ"فتاة الأصابع"، وهي لوحة تُجسّد فتاة على شكل أصابع، تعبيرًا عن شتات الفنان وهو يبحث عن قضية يُجسّدها إلى مجسّمٍ جزريّ الشكل.

تقول أمل، في حديثها عن مادتها الخام التي تختارها: "أُحضِر الطين من جبالنا، وأُعيد تشكيله في المنزل"، لكن هذه المادة المتواضعة تتحول تحت أناملها إلى منابر تعبّر عن الواقع المرير.

كانت مجموعة "القوقعة" هي أول مجموعة شكّلتها أمل، وعكست فيها حالة التقوقع والانحصار التي يعيشها اليمني في ظل الظروف القاسية، ومحاولات الخروج التي تبوء بالفشل.

فيما مثّلت منحوتة "عازف العود" رمزية نضال الإنسان اليمني الباحث عن لقمة العيش في ظل الظروف الحالية.

في الورشة، ينتصب مجسّم لامرأة حامل يخرج منها طفل. وبحسب أمل، فإن ذلك المجسم كان تخليدًا للصحفية رشا الحرازي، التي اغتيلت بانفجار سيارة مفخخة، وتحولت كرمز لـ"اليمن" التي يُضطر أبناؤها للخروج بحثًا عن السلام والأمان.

الفن رسالة، والجامعة منبر

رغم تعقيدات الوضع في اليمن وغياب المعارض لقلة الداعمين، لم تتأثر أمل، مواصلةً تقديم رسالتين متوازيتين: التدريس في الجامعات (الحكومية والخاصة)، حيث تنثر إبداعها على طلابها، والعمل الدؤوب في ورشتها التي تحوّلت إلى متحف يعرض إرثًا بصريًا ملموسًا من المنحوتات الطينية واللوحات التشكيلية.

تقول أمل: "السلام هو الغاية، وأتمنى من خلال أعمالي أن تصل رسالة السلام".

وتؤكد أن جوهر رسالتها الفنية هو: "أن يتعامل الإنسان مع الإنسان كإنسان، ويحترم حقوق الآخر، وأن نتقبّل الخلافات"، مشيرةً إلى أن الطين، بالنسبة إليها، صار لغةً عالميةً تحكي ألم اليمن، وتنحت أملها، وتخلّد صوت المرأة وقصة الإنسان في بلدٍ يُصرّ فنّانه على ألا يُدفن حلم السلام تحت وطأة الحرب.